سلاك بوعزة يحيى الخالقي فريد جعى سعيد عارف
شعبة الجغرافيا || كلية الآداب والعلوم الانسانية || جامعة السلطان مولاي سليمان || المغرب
تقديم
تعتبر التعرية ظاهرة طبيعية يرتبط نشاطها بعوامل متعددة، كالمناخ والصخارة والتضاريس والبيوجغرافية، كما أنها تتطور مع تعدد وتنوع الأنشطة البشرية من جهة وتزايد الضغط الديمغرافي على الموارد الطبيعية من جهة ثانية. وتنتشر التعرية في كل بقاع العالم بأشكال وأحجام مختلفة، إلا أن المناطق الجافة والمناطق شبه الجافة والمناطق شبه الرطبة الجافة، والتي تشكل 41 % من المساحات الكلية للأراضي على سطح الكرة الأرضية، هي الأكثر تأثرا بالتعرية (فالح، 2010).
وأكدت مجموعة من الدراسات الحديثة قامت بإنجازها الإدارة المكلفة بالمياه والغابات (1991 PNARV,) خطورة الوضع المترتب عن التعرية بالمغرب على مساحة إجمالية بالأحواض المائية بالمغرب تصل إلى 20 مليون هكتار، تشكل فيها مساحة الخطر نسبة 75% من أصل 15 مليون هكتار، وحسب هذه الدراسات يقدر فقدان التربة السنوي المراكم الناتج عن التعرية بحوالي 100 مليون طن، الشيء الذي كلف الاقتصاد الوطني 10 مليار من الدراهم (فالح، 2004) أما على المستوى الجهوي فإن جهة تادلة أزيلال تعرف وتنشط بها ظاهرة التعرية، إذ يشكل انجراف التربة (التخديد)، أهم عوامل تدهور الموارد الطبيعية بها، عموما ومنخفض آيت أعتاب بشكل خاص. ويهدف هذا المقال إلى دراسة أساليب وأشكال التعرية المائية بالمنخفض.
1- مجال الدراسة: الموقع والخصائص الطبيعية
يقع منخفض آيت أعتاب بالأطلس الكبير الأوسط الكلسي، بين خطي عرض 32,10 و32,04 شمال خط الاستواء، وخطي طول6,35و6,43 غرب خط غرينيتش، وينتمي إداريا إلى إقليم أزيلال، ويمتد على تراب أربع جماعات قروية وهي جماعات مولاي عيسى بن إدريس، وتونزة، وبني عياط، وآيت أوعرضة على مساحة (117كلم²) (خريطة رقم1).
يتميز المنخفض بوسط طبيعي جد هش، مع حساسية كبيرة للتعرية، نتيجة لتضافر عوامل طبيعية تتجلى في عدوانية التساقطات المطرية من جهة، وعدم انتظامها من جهة ثانية، وتركزها في أيام محدودة من الفصل الرطب خلال السنة، هذا بالإضافة إلى سيادة الصخور الصلصالية الهشة وانحدارات قوية تتجاوز في معظمها 25%.
خريطة رقم (1) موقع مجال الدراسة |
المصدر: عمل شخصي، اعتمادا على نظم المعلومات الجغرافية والخرائط الطبوغرافية لأفورار 50000/1
1. إشكالية الدراسة
تتظافر عدة عوامل طبيعية وأخرى بشرية، لتجعل من منخفض آيت أعتاب مجالا خصبا لدينامية التعرية المائية بكل أشكالها، مما يطرح عدة إشكالات متعلقة بحركية السفوح وجودة التربة ومردودية الأراضي وما لها من سلبيات تتعلق باستقرار الساكنة. وتتمحور أهم هذه التساؤلات حول: ماهي العوامل المتحكمة في دينامية التعرية بمنخفض آيت أعتاب؟ ماهي العوامل المتحكمة في حركية السفوح؟ هل الأمر يتعلق بسيادة الصخور الصلصالية الهشة أم التساقطات المركزة؟ أو في سيادة التكوينات السطحية الهشة والأتربة الضعيفة التطور؟ أو يرتبط هذا التدهور الكبير للتربة بالاستغلال المكثف للمجال من طرف الإنسان رغم قوة الانحدارات، أم أن الأمر يتعلق بهجرة الأراضي نتيجة مغادرة نسبة كبيرة من الفئات النشيطة للعمل خارج المجال، أو العمل في أنشطة غير مرتبطة بالقطاع الفلاحي؟ أم ناتجة عن ضعف ومحدودية تدخلات الدولة لتهيئة المنطقة وعدم تتبع وتبني المقاربة التشاركية والمشاريع المنجزة؟ أم أن عنف وقوة التعرية مرتبط بتفاعل وتداخل هذه العوامل؟
2. منهجية الدراسة
- لتحقيق الأهداف والنتائج المتوخاة من هذا العمل والإجابة على التساؤلات والإشكالات المطروحة، تبنينا المقاربة المنهجية التالية: العمل البيبلوغرافي والذي شمل الدراسات والأبحاث حول التعرية المائية.
- الاعتماد على الدراسات والبحوث المنجزة حول مجال الدراسة، والمجالات المحيطة به.
- توظيف الخرائط الطبوغرافية والجيولوجية لإنجاز خرائط موضوعاتية.
- تأويل الصور الجوية والصور الاصطناعية بهدف إنجاز خرائط أشكال التعرية واستعمالات التربة.
- العمل الميداني لتصحيح والتأكد من المعطيات المستخرجة من الصور الجوية.
- توظيف الاستمارة (استمارة سوسيومهنية)، لتتبع أشكال تدخل الدولة والمواطنين للحد من التعرية واستجواب الفلاحين والساكنة حول وضعية المجال.
- دراسة المعطيات المناخية المتوفرة، لأخذ فكرة عن خصوصيات مناخ المنطقة.
- التحليل والتأويل والاستفسار الخرائطي اعتمادا على نظم المعلومات الجغرافية خاصة برنامج: Arcgis- Mapinfo- Idrisi Andis
- الاتصال بمجموعة من المؤسسات الإقليمية والجهوية.
- تتبع حالة الغطاء النباتي على مدى 19 سنة من خلال توظيف تقنيات الاستشعار عن بعد.
2- العوامل الطبيعية والبشرية لدينامية التعرية المائية بمنخفض آيت أعتاب.
تختلف حدة وأشكال التعرية من منطقة إلى أخرى، وذلك باختلاف الخصائص الطبيعة التي تميز كل مجال على حدة، فإذا كانت التعرية المائية تدخل ضمن المخاطر البيئية الكبرى الأكثر ترددا بالمجال المدروس، فإن ذلك يحتم على الدراسة ضرورة البحث في الميكانيزمات المتحكمة في تسريع وثيرة التعرية المائية بالمنطقة ومقاربة كل العناصر المتحكمة فيها قصد الوصول إلى تشخيص عام وشامل للظاهرة المدروسة.
1- العوامل الطبيعية
1- 1 العوامل المناخية ودورها في تطوير أساليب وأشكال التعرية المائية بمنخفض آيت أعتاب
تعتبر التساقطات المحرك الرئيسي للتعرية المائية، ويدخل مناخ المجال المدروس ضمن المناخ شبه الجاف، الذي يتميز بعدم انتظام التساقطات فجائيتها ، سنعمل من أجل دراسة المناخ كعامل من العوامل المؤثرة في التعرية، على دراسة المعطيات المناخية المتوفرة بمحطات آيت أعتاب التابعة للمركز الفلاحي لآيت أعتاب، وأيضا محطة أزيلال بعالية الحوض التابعة للمديرية الإقليمية الفلاحية بأزيلال، بالإضافة إلى محطة بني ملال بدير بني ملال على ارتفاع 537م، وذلك لغياب معطيات الحرارة في المحطات الأخرى، ولعدم تمكننا من الحصول على معطيات قريبة من المجال المدروس.
يلاحظ أن العقد الأول من القرن الواحد والعشرين- مثلا بجهة تادلة أزيلال، عرف تساقطات مهمة، أغلبها تجاوزت المعدل السنوي حيث تجاوزت قيمة الانحراف عن المعدل بين 24.12- % و62%مع تسجيل 6 سنوات تزيد عن المعدل البيسنوي، في حين عرف العقد الأخير من القرن 19 كميات مطرية تقل عن المعدل البيسنوي، حيث سجلت 5 سنوات تقل عن المعدل البيسنوي، نفس الشيء بالنسبة لمحطة بني ملال (مبيان رقم 2) حيث تراوحت نسبة الانحراف بين 46.8- % و71.41% خلال الفترة المدروسة مع تسجيل ان الفترة ما بين الثمانينات والتسعينات هي التي سجلت أقل قيم من المعدل، حيث سجلت أكثر من 8 سنوات قيما سالبة. الأمر نفسه فيما يخص محطة آيت أعتاب (مبيان رقم 1)، والتي تراوح معدل الانحراف فيها خلال الفترة المدروسة ما بين 61.62- % و66.06.
مبيان رقم (1) الانحراف عن المعدل بمحطة آيت أعتاب 1990- 2010. |
مبيان رقم (2) الانحراف عن المعدل بمحطة بني ملال 1990- 2010 |
مبيان رقم (3) الانحراف عن المعدل بمحطة أزيلال 1990- 2010.
|
وتعتبر شهور فصل الشتاء هي التي تستحوذ على أكبر حصة من مجموع التساقطات المطرية خلال الفترة المدروس، إلا أن هذا لا يعني غياب استثناءات، فشهر أبريل بمحطة بني ملال، سجل سنة 1996 ، 167.60 ملم، في حين سجل شهر يناير 84.70 ملم من نفس السنة، وفبراير سجل أقل من 30 ملم، ونفس الأمر بالنسبة لسنة 2001، فقد سجل شهر أبريل 125 ملم في المقابل خلال شهر يناير وفبراير من نفس السنة سجلت أقل من 20 ملم، وبمحطة آيت أعتاب فشهري أبريل وماي سجلا أكثر من 119 ملم وذلك في سنة 2010 بينما لم يصل كل من شهر يناير وفبراير سوى 53 ملم و39 ملم على التوالي.
على العموم، فإن التساقطات اليومية المركزة والمسترسلة أكثر من يومين هي التي تؤدي إلى تفعيل آليات التعرية المائية، حيث إن المنطقة تعرف بين الفينة والأخرى تساقطات مطرية مهمة تتعدى أو تقل عن 20 ملم، وتتميز بالتركز في وقت وجيز، وهنا يمكن الحديث عن ديناميتين مختلفتين: الأولى تحدث عندما تعرف المنطقة تساقطات مركزة، لكن بعدما أن شهدت تساقطات مسترسلة خلال الأيام السابقة ينتج عنه هذا تشبع التربة وبالتالي حدوث جريان سطحي يكون قويا وذو كفاءة مهمة على الاقتلاع والنقل. أما الثانية هي عندما تسقط الأمطار المركزة ولم تسبقها أمطار مسترسلة، فإن وقع القطرات المائية على التربة يكون قويا الأمر الذي يؤدي إلى انسداد المسام، وبالتالي تصبح الكمية المائية التي تجري فوق السطح أكثر من الكمية المتسربة، مما يؤدي إلى سيل سطحي يكون هو الآخر عنيفا من حيث الاقتلاع والنقل.
فيما يخص الحرارة، فإن الفترة الجافة في السنة التي تعرف تساقطات ضعيفة، أو منعدمة مع حالات استثنائية من فترة لأخرى، تعرف مدى حراري مهم، الأمر الذي يفسر التأثير المباشر للحرارة على السطح بواسطة تفكيك التربة والتكوينات السطحية، وخلق مجموعة من الشقوق مما سهم أثناء التساقطات الأولى لفصل الخريف في ارتفاع الجريان وقوة الاقتلاع، وبالتالي التأثير السلبي لهذه التباينات في درجات الحرارة بشكل واضح فوق السفوح الجافة الموجهة نحو الجنوب والجنوب الشرقي، والشمال الشرقي التي تعرف تربة هيكلية وضعيفة التطور في الغالب نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وطول الفصل الجاف وقلة التساقطات المطرية الشيء الذي يفسر غياب الغطاء النباتي فوق هذه السفوح (مبيان رقم4).
Ø الوحدات التضاريسية والإطار البنيوي لمنخفض آيت أعتاب
تتشكل طبوغرافية مجال المدروس من وحدة جبلية يتوسطها منخفض واسع، حيث تتراوح الارتفاعات المطلقة بالمجال بين 622 م كأخفض نقطة توجد بالقرب من التقاء واد ايت اقبلي وواد العبيد و1261م كأعلى نقطة، مع سيادة فئات الارتفاعات الأقل من 1000 متر، التي تشكل حوالي 85.83%، اما فيما يخص الانحدارات، فان الانحدارات القوية (أكثر من 25 %)، تمثل 42.05 % من مجموع مساحات المنخفض.
مبيان رقم( 4) المبيان المطرحراري لبني ملال (1995- 2010) |
يتميز المجال المدروس بشبكة مائية كثيفة ومتنوعة مع سيادة المجاري المائية الموسمية المتمثلة في مجموعة من الشعاب. والمسيلات ويشكل واد العبيد بالمنطقة مجموعة من المنعطفات النهرية يصل عددها إلى 20 منعطفا، وهي مجالات تعرف نشاطا فلاحيا مهما، ويتميز باتجاه عام شرق- غرب شمالي شرقي، ويصل صبيبه بالمنطقة إلى 7.25 م3 في الثانية (بن على، 1993).
التنوع الصخاري الكبير هو ما يميز المنخفض، مع سيادة الصخور الهشة والمتوسطة الصلابة المتمثلة في تعاقب صخور صلصالية هشة وصخور صلبة مقاومة، إذ نجد تداخل الصلصال مع الحث أو الحث مع البليت، هذا بالإضافة إلى وجود الطمي الوردي وطمي الدرجات السفلى والغرين الحالي، أما الصخور المتوسطة الصلابة المتمثلة في تداخل الصخور الكلسية مع الصلصالية، هذا بالإضافة إلى التكوينات البيضاء المتداخلة مع صخور دولومتية وبعض البروزات الجبسية، في حين تتكون الصخور الصلبة من صخــــــور كلسية أو كلسية متداخلــــــــة مع صخور أخرى كالدولــــــومي بالإضـــــــافة الى الرصيص والرصيـــــص المتحجـــــر.
يتوافق المجال المدروس والمنطقة الانتقالية بين ميدان الماطورال وميدان البلوط، لهذا فإن المنطقة تحتوي على البلوط عند حدود 1000 متر عند السفوح الرطبة وابتداءً من هذه العلة تظهر أصناف أخرى مثل العرعار والخروب بينما تتركز الزياتين والزكوم على السفوح الحارة والجافة، أما المستويات السفلى أقل من 800 م فنجد نباتات الدوم والسدرة. وقد اتضح من دراسة المقارنة التي قمنا بها باستعمال الاستشعار عن بعد، أن الغطاء النباتي انتقل من 2266.02 هكتار سنة 1987 إلى506.98 هكتار سنة 2006، أي بتراجع قدره 1759.08 هكتار خلال 20 سنة، أي بنسبة 77.63%، وبنسبة تراجع سنوي تفوق 3.88 %.
2- العوامل البشرية: استقرار بشري قديم، واستغلال مكثف للسفوح
تدل كثير من الإشارات التاريخية على أن الموقع الجغرافي الحالي الذي يحمل اسم آيت أعتاب كان آهلا بالسكان منذ العصور القديمة (عيسى العربي، 1993)، وتميز التطور الديموغرافي والتوزيع السكاني بالجماعات المحلية التي ينتمي إليها المنخفض بالتباين من جماعة لأخرى وداخل نفس الجماعة ومن دوار لآخر، وذلك نتيجة لظروف طبيعية وبشرية مختلفة خاصة الجفاف والهجرة. ويلاحظ من خلال الجدول رقم (1) أن ساكنة جماعة سيدي عيسى بن ادريس عرفت تطورا بطيئا أما ساكنة باقي الجماعات عرفت تراجعا تراوح بين 0.7- و7- ، ويعزى ذلك إلى الهجرة الكبيرة التي تعرفها المنطقة.
جدول رقم (1) الخصائص الديموغرافية لسكان الجماعات داخل المنخفض بين احصائي 1994و2004 |
الاحصاءات
الجماعات |
السكانة حسب احصاء 1994 | عدد الأسر سنة 1994 | الكثافة السكانية | الساكنة حسب احصاء 2004 | عدد الأسر سنة 2004 | الكثافة
السكانية |
نسبة
الزيادة |
معدل النمو السنوي |
جماعة مولاي عيسى بن ادريس | 12369 | 1903 | 97 | 12621 | 2109 | 99 | 2 | 0.2 |
جماعة تونزة | 12503 | 1789 | 86 | 11610 | 1753 | 80 | – 7 | – 0.7 |
جماعةآيت أوعرضة | 1965 | 284 | 31 | 1786 | 273 | 28 | – 9 | – 0.9 |
جماعة بني عياط | 19560 | 2862 | 131 | 20905 | 3477 | 140 | 7 | – 7 |
المندوبية الجهوية للتخطيط: النشرة الإحصائية 2004
وتشكل الفلاحة النشاط الأساسي لساكنة المنخفض، وتتميز بسيادة الزراعات السنوية إذ تمثل نسبة 48% من مساحة المجال المدروس سواء بشكل منفصل أو مختلط مع الغراسة، التي تأتي في المرتبة الثانية حيت تنتشر في كل الأراضي الفلاحية سواء بشكل منفرد أو مختلط مع زراعات أخرى (بقليات، الزراعات السنوية، الزراعات العلفية. ومن خلال العمل الميداني (الاستمارة والمقابلة) تبين أن هناك تراجعا نسبيا للأراضي الزراعية لصالح المجالات غير الصالحة للاستغلال نتيجة التعرية القوية، بعد هجرة الأرض من طرف الساكنة.
هذه الوضعية (الطبيعية، البشرية) سمحت بتطور أشكال تعرية مختلفة، أدت إلى التأثير على الرصيد الترابي، وتطور المجالات الغير الصالحة للاستغلال، على حساب الأراضي الفلاحية، وبالتالي تراجع المردودية وارتفاع تكلفة الإنتاج، الأمر الذي نتج عنه تخلي الساكنة عن الأرض لصالح أشكال التعرية المختلفة بسبب غياب أشكال الحماية.
3- التعرية بمنخفض آيت أعتاب: الأساليب والأشكال
نتيجة لتظافر العوامل الطبيعية والبشرية السالفة الذكر، يعرف منخفض آيت أعتاب نشاط مورفوتشكالي مهم مرتبط بالتعرية المائية، نتج عنه تطور أشكال تعرية مختلفة، وتعدد في الأساليب، مما يؤثر في المجال والانسان بأشكال ونسب مختلفة. ينتج عن هذه الدينامية القوية ضياع وإتلاف كبير للتربة، وتهديد البنيات التحتية والمنشآت السكنية، تنضاف هذه المشاكل البيئية إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية لتُفسر ظاهرة الهجرة التي يعرفها المجال خاصة في صفوف الفئات الشابة، الشيء الذي يزيد من استفحال التعرية بهذا المجال، نتيجة غياب أشكال الحماية الناتجة عن الهجرة.
1- منهجية إنجاز خريطة التعرية بواسطة نظم المعلومات الجغرافية
تقوم هذه الطريقة على ترقيم المعطيات المجالية (فئات الانحدار، استعمال التربة، الصخارة…)، اعتمادا على نظم المعلومات الجغرافية (SIG)، وإنجاز خرائط العوامل المتحكمة في التعرية المائية. عن طريق ترقيم المعطيات المجالية اعتمادا طريقة زيرموس (ZERMOS) المتمثلة في فئات الانحدار واستعمالات التربة والصخارة, وبتنظيظ هذه الخرائط نحصل على خريطة التعرية المحتملة، وباستعمال صور Google erthe والعمل الميداني نستخرج خريطة أشكال وأساليب التعرية المائية (الشكل رقم 1).
الشكل رقم (1) منهجية االمائيةنجاز خريطة التعرية |
وقد تم التطرق إلى هذه المنهجية بالتفصيل في مقال أخر- قيد النشر- بعنوان: نظم المعلومات الجغرافية ودورها في دراسة التعرية المائية بالأطلس الكبير الاوسط: حالة منخفض ايت اعتاب.
2- أساليب وأشكال التعرية
يعرف منخفض آيت أعتاب نشاطاً مهماً لدينامية التعرية المائية بكل أشكالها وأساليبها، والمتمثلة في التعرية الغشائية والتخديد الأولي والتخديد المتعمق والتخديد المعمم والانزلاقات والانهيارات. وتشكل التعرية الخطية وخاصة التخديد أهم مظاهر التعرية التي تهيمن في المجال (خريطة رقم 2 ومبيان رقم 6).
1.2- التعرية الغشائية
تتمثل التعرية الغشائية بالخصوص في كسح التربة والسيلان المنتشر وتغطي هذه الأشكال جل السفوح والتكوينات وفئات الانحدار وتمثل نسبة 63.69% من مساحة المجال المدروس، لكن تأثيرها وتطورها يختلف حسب اختلاف العوامل المتحكمة في ديناميتها.
أ- كسح التربة
يتم كسح التربة فوق السفوح بفعل اصطدام قطرات المطر بالسطح التي تعمل على تفكيك جزيئات التربة، ونقل المواد الدقيقة والعالقة بواسطة السيل الغشائي البطيء. ويرتبط هذا الشكل من التعرية بعنف وتركز التساقطات خاصة في بداية فصل الخريف، بحيث تعمل قطرات المطر على تشتيت بنية التربة وتفكيك عناصرها، مما يؤدي الى التصلب وتراجع التسرب، الشيء الذي يبرز معه الخطوط الأولى للسيلان المنتشر (Auzet ، 1987).
رغم أن كسح التربة أقل أنواع التعرية خطورة على السطح، إلا أنه يؤدي إلى إفقار المسكات العليا للتربة عن طريق فقدانها للمواد العضوية وتغيير نسيجها.
ينتشر هذا الشكل من التعرية فوق جميع السفوح، لكن تأثيره على السطح يختلف حسب خصائص المجال. فقد أشار رحو (1999) أن التكونات الطميية أكثر عرضة للكسح مقارنة مع التكونات الطينية، كما أن عامل الانحدار يلعب دورا رئيسيا في دينامية الكسح خاصة فوق الانحدارات القوية، حيث تظهر بقع بيضاء وسط السفوح، هذا البياض ناتج عن فقدان المسكات العليا للتربة لمكوناتها وفقرها. ويساهم الاختلاف الفصلي في تطور كسح التربة فوق السفوح، فخلال الفصل الحار يكون السطح عاريا ونسبة الرطوبة الأولية ضعيفة، مما يهيئ التربة للكسح خلال التساقطات الموالية لفترة الجفاف الطويلة، عكس الفصل الرطب حيث يكون السطح مغطى بالأعشاب ورطوبة التربة مهمة مما يِؤدي إلى تماسك جزئيات التربة.
خريطة رقم (2) أشكال التعرية المائية بمنخفض آيت أعتاب
ب- السيلان المنتشر أو الغشائي
يظهر السيلان المنتشر فوق السفوح عندما تفوق كمية المياه المتساقطة قدرة الأتربة على التسرب، ويظهر على شكل خيوط مائية ضعيفة ومتشابكة فيما بينها (أبهرور، 2009). وينطلق السيلان فوق السفح عندما تتجمع المياه المتساقطة في الحفر الصغيرة التي لا يخلو منها سطح طبيعي فتاتي مهما كان أملسا أو مندكا (رحو محمد 1999).
يغطي السيلان جل سفوح المجال المدروس بنسبة مهمة تصل إلى 69.63%، ويرتبط بالتساقطات خاصة خلال بداية فصل الخريف وبحالات السطح، حيث إن السطح خلال التساقطات الأولى لفصل الخريف يكون جافا ومتشققا بفعل الحرارة مما يهيئه لدينامية السيلان، بحيث إن الشقوق تساعد على توجيه السيلان تبعا للانحدار على شكل مسيلات ذات عمق ضعيف.
وتتدخل عوامل عدة في تباين تأثير السيلان المنتشر على السطح، حيث يتركز بالخصوص على القطاعات الوسطى من السفوح.
يعمل السيلان المنتشر على نقل المواد الدقيقة الغنية وترك المواد الخشنة، مما يؤدي إلى إفقار التربة وتغيير نسيجها وبنيتها، وينتشر فوق السفوح القصيرة التي لا تسمح بتركز السيلان. وتعرف مجالات انتشاره ضعفا في الإنتاجية الفلاحية، من جهة وارتفاع تكلفة الإنتاج من جهة ثانية، الأمر الذي يؤدي بالساكنة إلى هجرة الأراضي لصالح عمليات التعرية المختلفة.
ج- التعرية الخطية المركزة
مبيان رقم (5) توزيع أشكال التعرية الحالية بمنخفض أيت أعتاب.
وانطلاقا من الدراسات التي قام بها مجموعة من الباحثين في مجال دراسة التعرية نذكر منهم على سبيل المثال لا للحصر (فالح، 2010) و(أبهرور، 2009). يتبين أن التعرية الخطية المركزة تنتج عن عدم نفاذية الصخور وتباين مقاومتها، وعنف وتركز التساقطات، مما يؤدي إلى ظهور أشكال خطية مختلفة من حيث العرض والعمق والانتشار، تختلف حسب نوعية الصخور والتكونات السطحية، ودرجة وطول الانحدار وشكل وتوجيه السفوح. هذه العوامل تؤثر عن طريق تداخلها في تنوع نشاط وحدة التعرية الخطية بالمجال وفوق نفس السفح من العالية إلى السافلة.
تنتشر داخل المجال المدروس بنسبة 8.55 %، وأهم أشكال هذا النوع من التعرية داخل المجال، هو. التخديد المتعمق، والتخديد المعمم، لكن هذا لا ينفي وجود أشكال أخرى كالتعرية بالخدش لكن بنسبة ضئيلة.
2.2 التخديد الأولي أو التعرية بالخدش
يظهر التخديد الأولي على شكل خوامش نتيجة تركز السيلان ويتراوح عمقها بين 3 و30 سنتيم (أبهرور، 2009)، نشأة هذه الخوامش مرتبط بالتساقطات المطرية الأولى لفصل الخريف، وتتطور هذه الخوامش مع توالي التساقطات، لتصبح أكثر عمقا وقدرة على الإزالة والنقل، لكن هذه الأشكال تتلاشى مع الحرث المتعمق وكذلك بفعل أهمية الغطاء العشبي.
يساهم هذا النوع من التخديد في إفقار التربة من موادها العضوية، ونقلها لاحقا عبر المجاري المائية في اتجاه السافلة، وتختلف أشكال وأساليب التخديد الأولي حسب طبيعة السطوح ومدى استجابتها لعنف التساقطات المطرية.
ينتشر التخديد الأولي داخل المنخفض فوق السفوح الطويلة والتي تسمح بتركز السيلان كما يظهر على ضفاف بعض الخدات المتعمقة، ويساهم التخديد الأولي في إنتاج كميات مهمة من الرواسب خاصة فوق التكونات السطحية السميكة.
أ- التعرية بالتخديد
يتجاوز هذا النوع من التعرية في أغلب الحالات التكونات السطحية ليصيب الأساس الصخري، كما يختلف من حيث التطور حسب القاعدة الصخرية والوضعية الطبوغرافية والمورفولوجية للسفوح، وكذا طرق وأشكال استعمالات التربة. كما نجد على طول نفس الخدة أشكال تعرية مختلفة، كبعض الاقتلاعات والمسيلات والتطور التراجعي لرأس الخدات (صورة رقم1).
تساهم قوة دينامية التخديد المهيمنة على المجال في تراجع المساحات الزراعات المجاورة للخدات، وحدوث تغيرات مستمرة في مورفلوجية السفوح، وضياع كميات مهمة من الأتربة، من جهة وتدهورها. انطلاقا من الملاحظة الميدانية وتأويل الصور الجوية وخريطة أشكال التعرية، يمكن الحديث عن شكلين من أشكال التخديد العميق بالمنخفض: خدات مستقرة وخدات نشيطة.
ب- الخدات المستقرة:
خدات مستقرة نسبيا تعمل على صرف المياه ويصل عمقها إلى عدة أمتار، لكن ضفافها تعرف أشكال تعرية مهمة، والغالب في مجال الدراسة هو الخدات المستقرة بفعل الغطاء النباتي الطبيعي المكون من نباتات صغيرة تغطي سفوح هذه الخدات على طول السنة (صورة رقم4). وتظهر أهميته الغطاء النباتي خلال فصل الربيع، بينما خلال الفصل الحار، فرغم استقرار هذه الخدات فسفوحها تعرف كسحا مهما للتربة خلال التساقطات الخريفية الأولى، وهذا شكل من أشكال تأثير الاختلاف الفصلي على دينامية التعرية بالمجال.
ج- الخدات النشيطة:
يعرف هذا النوع من التخديد تطورا سريعا خاصة خلال التساقطات المطرية القوية بعد طول مدة الجفاف، هذا التطور تتداخل فيه أشكال التعرية الرأسية والأفقية بكل أشكالها، مما يجعل هذه الخدات أكثر أشكال التعرية الخطية إسهاما في حجم اقتلاع التربة، وتقليصا للمساحات الزراعية المجاورة للخدات النشيطة (صورة رقم 1). وتختلف أشكال توسع وتعمق الخدات على طول السفوح حسب اختلاف القاعدة الصخرية والتربة والتكونات السطحية، وشكل ودرجة الانحدار وطول السفوح. ويتخذ التوسع الأفقي للخدات ثلاث أشكال رئيسية كما أوضح ذلك Roose (1994) (الشكل رقم2):
هذه الأشكال تتحكم فيها بالإضافة إلى العوامل السالفة الذكر، العامل المناخي المتمثل في التساقطات المطرية الفجائية، على الخصوص باعتبارها المحرك الرئيسي لكل أكال التعرية المائية، إضافة إلى عامل الجفاف الذي يعتبر عاملا أساسيا يحضر السطح للتخديد، مما يجعل مجاري الخدات فوق الانحدارات القوية داخل مجال الدراسة تتخذ شكل V خاصة فوق الصخور الصلبة، لكن فوق الانحدارات المتوسطة والضعيفة داخل التكوينات الهشة الضعيفة المقاومة يتخذ مجرى الخدات شكلU، كما أن دينامية هذه الخدات يختلف فوق نفس السفح من العالية إلى السافلة تبعا لاختلاف تظافر العوامل السالفة الذكر.
الشكل رقم (2) أشكال التوسع الأفقي للخدات |
أبهرورمحمد (2009) عن Rosse 1994 : إسهاماً في التقييم الكمي للتعرية المائية بمقدمة الريف الشرقي نموذج حوض واد الثلاثاء. أطروحة لنيل الدكتوراه في الجغرافية، الصفحة 176. |
د- التخديد المعمم (الأساحل)
تنتج الأساحل عن كثافة التخديد المركز وتدهور كبير للتربة، وتهم الأراضي الجرداء مع بروز أعراف حادة ناتجة عن تعرية قوية (أبهرور، (2009.
تنتشر الأساحل بالمجال المدروس بشكل متفرق وبنسبة %4.40 من مجموع أشكال التعرية المنتشرة بالمجال، وبشكل خاص فوق التكوينات الصلصالية الهشة، وتوافق من الناحية الطبوغرافية انحدارات قوية إلى قوية جدا، (صورة رقم 2).
تتداخل عوامل عدة في نشأة الأساحل، أهمها العامل المناخي حيث توالي فترات الجفاف الطويلة، التي تعمل على تهيئ السطح للتساقطات الفجائية والعنيفة التي تزيد من تسريع وثيرة تطور هذه الأشكال، إضافة إلى العامل البشري الذي يساهم في هذا التطور عن طريق اللامبالاة لأشكال التخديد الأولية في بداية نشأتها، والتي تتطور فيما بعد إلى خدات عميقة مستقلة ثم أساحل، الشيء الذي يفسر انتشار هذه الدينامية على حساب الأراضي الفلاحية (صورة رقم 3)، مما ينتج عنه التراجع المستمر للأراضي الصالحة للاستغلال، وبالتالي فإن التراجع المستمر للأراضي الصالحة للزراعة، يؤدي بالساكنة الى عدم تطبيق الدورات الزراعة والاعتماد على الغابة والمجالات الطبيعة في رعي الماشية، وفي كلتا الحالات هناك انهاك للتربة وإزالة الحماية ونشاط آليات التعرية.
هـ- تقويض الضفاف
تنتشر هذه الأشكال على جوانب المجاري المائية الرئيسية، خاصة واد العبيد، وتمثل هذه الدينامية نسبة 0.02% (مبيان رقم 12)، نظرا لتوفر واد العبيد على مجريين، مجرى اعتيادي والآخر فيضي متسع يجعل المجرى بعيدا عن الضفاف شيئا رغم قوة المنعطفات، وتنتشر خصوصا على الضفاف التي تشرف عليها السفوح مباشرة بانحدارات قوية، مما يؤدي إلى تهدلات وانهيارات مستمرة للتربة فوق هذه السفوح، وأحيانا انزلاقات سطحية للتربة، كما أن هذا الشكل من التعرية يرتبط بالمنعطفات القوية والكبيرة فوق انحدارات ضعيفة، مما يؤدي إلى الاتساع العرضي للمجاري المائية بشكل مستمر، على حساب المساحات الفلاحية المجاورة، (صورة رقم 8و9)، ومعلوم أن الأراضي الخصبة هي تلك المجاورة لواد العبيد، وبالتالي فان تأثر الدينامية المرتبطة بالوادي تؤثر بشكل كبير على هذه الأراضي من جهة واقتصاد الساكنة من جهة ثانية، خاصة وأن الفلاحة هي ركيزة الاقتصاد المحلي للساكنة، مما يجعل أعداد مهمة من الساكنة المجاورة للواد تهاجر بسبب تراجع المردودية من جهة، والاتساع العرضي للواد على حساب أراضيهم الفلاحية من جهة ثانية.
3.2 أساليب وأشكال الحركات الكتلية بمنخفض آيت أعتاب.
تتعدد أشكال التعرية المرتبطة بالحركات الكتلية ويصعب رصد جميع الأشكال المنتشرة داخل مجال الدراسة، نظرا لتداخل هذه الأشكال فيما بينها، لذا سنعمل على وصف النماذج البارزة داخل المجال، والمتمثلة في الانزلاقات السطحية والتدفقات الوحلية بالإضافة إلى الانهيارات الصخرية. تمثل هذه الدينامية داخل المجال المدروس بنسبة %4.22 (مبيان رقم، 12).
انطلاقا من الدراسات والأبحاث التي قام بها مجموعة من المهتمين في مناطق مختلفة من المغرب (بن علي، 1993) بجبال الأطلس، (أبهرور، 2009) بمقدمة الريف، (فالح، 2010) بالريف الأوسط، …أن تطور الحركات الكتلية ناتج عن تظافر عوامل طبيعية تتجلى في الأساس الصخري والتكونات السطحية وقوة الانحدارات، إضافة إلى العامل المناخي باعتباره المحرك الرئيسي لكل أشكال التعرية. ثم الإنسان باعتباره العامل المسرع للتعرية، وذلك عن طريق أشكال استغلاله للمجال سواء تعلق الأمر بكثافة الاستغلال أو تخليه عن جزء من أرضه الشيء الذي يحرم السطح من أي شكل من أشكال الحماية.
4.2 أشكال الانزلاقات بمنخفض آيت أعتاب.
الانزلاقات هي كل حركات التربة في علاقة مباشرة مع تجاوز حدود السيولة والليونة، أو في علاقة غير مباشرة مع تأثير تجاور هذه الحدود على تماسكها (أبهرور، 2009). وحسب تعريف اليونيسكو “الانزلاقات هي حركة تهم كتلة صخرية، أو تكوينا فتاتيا فوق سفح ما، تتغير أبعاده من حجم انسياع بسيط Solifluxion، أو ضربة ملعقة إلى سفح كبير (من بعض الأمتار إلى عدة كلومترات) يتحرك ليستقر في قعر الواد (أبهرور، 2009)، (الفلاح بوشتى 2000).
تنطلق الانزلاقات عندما تتجاوز التكونات السطحية والصخرية درجة الإشباع والليونة، وتختلف حسب التباين الصخاري ودرجة تماسك التكونات الصخارية والسطحية، هذا بالإضافة إلى تدخل عوامل أخرى مركبة، تتجلى أهمها في التساقطات لفترات زمنية مهمة وانحدارات قوية، وتواجد الشقوق التي تسهل عملية تسرب المياه، وكذلك غياب غطاء نباتي طبيعي أو تشجير يحمي هذه الأوساط من الحركية.
تختلف هذه الأشكال داخل المجال حسب حجمها وقوتها، وتمثل 0.70% (مبيان رقم 12)، وتعمل على التغيير المستمر في مورفلوجية السفوح، سنحاول رصد بعضها داخل المنخفض.
5.2 الانزلاقات السطحية
الانزلاقات السطحية هي حركة بطيئة للمواد السطحية فوق السفوح، التي تتجاوز حدود الليونة (أبهرور 2009)، وينتشر هذا النوع من الانزلاقات بالخصوص فوق السفوح الصلصالية التي يغطيها غلاف ضعيف السمك من التكونات السفحية الغنية بالجزيئات الطينية (فالح 2010). وقد أشار بوشتى الفلاح (2000) إلى أن هذا النوع من الانزلاقات ينتشر في الريف الأوسط فوق السفوح الصلصالية القوية الانحدار. وأشار أبهرور (2009) إلى أنها في مقدمة الريف الشرقي تنتشر فوق التكونات السطحية الضعيفة السمك الغنية بالأطيان، والأتربة ذات نفاذية مهمة وصخور غير نافذة، والتي توافق الانحدارات القوية. إلا أن انتشارها داخل مجال دراستنا يبقى محدودا، إذ لا يمثل سوى نسبة 0.70% من مساحة المجال المدروس (مبيان رقم 12)، وينتشر بشكل خاص فوق التكوينات الصلصالية الهشة والتي توافق الانحدارات القوية من جهة، والتقطيع في الانحدار من جهة ثانية، خاصة بجوار الطرق (صورة رقم 8).
6.2الانهيارات الصخرية
تتطور أشكال الانهيارات الصخرية فوق السفوح ذات التكوينات الصلبة الحثية أو الكلسية، والتي تعرف تعرية ميكانيكية قوية خاصة في القمم حيث غياب التربة والتكوينات السطحية، مما يؤدي الى تفكك هذه الصخور ونزولها على شكل جلاميد صخرية على طول السفح في اتجاه السافلة، الشيء الذي يشكل خطرا على البنيات التحتية.
تنتشر هذه الانهيارات داخل المجال المدروس على الضفة اليمنى لواد العبيد فوق انحدارات قوية جدا تتجاوز 25%، حيث نلاحظ على طول السفح انتشار جلاميد صخرية كبيرة الحجم (صورة رقم10)، وكذلك بعض النطاقات المحدودة التي توافق بروزات صخرية، على أعراف بعض القمم المشكلة من الحث أو الكلس، وتمثل هذه داخل المجال المدروس نسبة %3.52 (مبيان رقم 12).
وتعتبر التساقطات المطرية المنتظمة والمستمرة المحرك الرئيسي لهذه الأشكال، وتوافق عامة فصل الشتاء وبداية فصل الربيع حيث تكون التكونات مشبعة ووجود غطاء نباتي عشبي يساعد على عرقلة الجريان السطحي ويعمل على تسرب المياه بشكل أفقي، كما تنتج هذه الانزلاقات السطحية عن الممرات التي تخلفها المواشي فوق السفوح القوية الانحدار، وعلى ضفاف الخدات العميقة وجوانب بعض المجاري المائية، حيث تؤدي دينامية هذه المجاري المتصلة بسفوح قوية الانحدار إلى تحرك المواد تحت تأثير الجاذبية وثقل وزنها.
صورة رقم (2) سيادة الأساحل فوق السفوح الجنوبية |
صورة رقم(3) تطور الخدات على حساب الأراضي الفلاحية |
صورة رقم (4) خدات مستقرة بفعل الغطاء النباتي |
صورة رقم (5) سيادة أتربة ضعيفة التطور بفعل كسح التربة |
صورة رقم (6) تهدم جوانب الطرق رغم تدخلال الدولة
|
صورة رقم (7) تقويض الضفاف يهدد المشارات الفلاحية المجاورة |
صورة رقم (8) انزلاق سطحي على طول السفح بعد الانقطاع في الانحدار |
صورة رقم (9) تأثير تقويض الضفاف على الأراضي الفلاحية |
صورة رقم (10) انهيارات صخرية فوق سفح جنوبي بجماعة تاونزة |
صورة رقم (11) تطور التخديد فوق الصخور الهشة
|
يتبين من وصف أشكال التعرية وتوزيعها المجالي بمنخفض آيت أعتاب، التداخل الكبير بين العوامل المسؤولة عن دينامية وتوزيع أشكال التعرية، الأمر الذي جعل الأراضي الصالحة للزراعة في تراجع مستمر لصالح الأراضي الغير الصالحة للاستغلال من جهة، وتراجع خصوبة الأراضي من جهة ثانية،
وبالتالي ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب تراجع المردودية سنة بعد أخرى. هذه العوامل مجتمعة جعلت من المجال قيد الدراسة، مجال لتصدير الهجرة بأعداد مهمة، اتجاه المراكز الحضرية المجاورة للبحث عن بدائل للقطاع الفلاحي الموبوء، الأمر الذي أدى ويؤدي إلى استفحال التدهور بسبب غياب أشكال الحماية. وهي وضعية أصبحت تدق ناقوس الخطر، وتتطلب تدخلا عاجلا لتهيئة المجال ضد أشكال التعرية المختلفة، الأمر الذي يلزمنا إنجاز أعمال علمية تهدف إلى تهيئة هذه المجالات وتحديد المناطق ذات الأولوية، عن طريق تصنيف الأوساط حسب درجة المخاطر المحتملة والحالية، لمساعدة الجهات المعنية لاتخاذ القرارات المناسبة في عمليات الإعداد، من جانب ومعرفة إمكانيات السطح وما قد يؤول إليه إثر الاستعمالات في نشاط معين من جانب أخر.
خلاصة
عموما يعرف منخفض آيت أعتاب كما سبقت الإشارة إلى ذلك أشكال تعرية مختلفة، مع سيادة التعرية المرتبطة بالتخديد، الأمر الذي يؤدي بشكل كبير إلى إتلاف التربة وتراجع مردودية الأراضي، مما يفسر ظاهر الهجرة التي تعرفها المنطقة. كما يتميز المجال بوجود نطاقات جد قوية للتعرية، تتطلب التدخل للحد من أشكال التعرية المختلفة وتدهور الأراضي، ويتوافق والمجالات الغير الصالحة للاستغلال أو المجالات العطوبة بصيغة أخرى، يتطلب المحاصرة والمعالجة التقنية والبيولوجية، أما نطاق التعرية المتوسطة والضعيفة يتميزان بضعف الانحدار والاستقرار النسبي للتربة، وهما نطاقان قابلان لإقامة زراعات سقوية شريطة اتخاذ تدابير وقائية لتثبيت الضفاف.
أمام هذه الوضعية التي تعرف هيمنة المجالات المتدهورة المهددة بخطر التعرية المستمرة، أصبح لزاما إعادة النظر في أشكال التدخل بالعالم القروي. في هذا الإطار نقترح اعتماد المقاربة المشهدية كمدخل جديد لتهيئة المجال وتخفيف الضغط على الموارد، لكونها تعتمد على مقاربة شمولية تولي الأهمية إلى جميع الأبعاد: الاقتصادية، الاجتماعية، البيئية، الثقافية…فمنخفض آيت أعتاب بحاجة إلى تهيئة مندمجة على أسس مشهدية مندمجة ومستدامة، مؤسسة على حماية التراث الجيومورفولوجي وتفعليه في تحريك عجلة التنمية الأمر الذي يتطلب: تهيئة هذه المواقع وإدراجها في خريطة السياحة البيئية. تأسيسا على ما سبق، فإن منخفض آيت أعتاب في حاجة إلى تهيئة مندمجة على أسس مشهدية مندمجة ومستدامة، مؤسسة على حماية التراث الجيومورفولوجي وتفعليه في تحريك عجلة التنمية الأمر الذي يتطلب:
- المحافظة على المنظومات النباتية.
- تدبير وتوجيه الموارد المائية.
- تطوير النشاط السياحي.
- تطوير النشاط الفلاحي.
- توفير وتحسين الخدمات العمومية.
- تهيئة هذه المواقع وإدراجها في خريطة السياحة البيئية.
- إعداد مجالي مستدام ينبني على: استدامة بيئية، استدامة اقتصادية، استدامة ثقافية، استدامة اجتماعية.
لائحة المراجع
- العربي عيسى (1992): قبيلة آيت أعتاب السكان وحياتهم الدينية عبر التاريخ. مطوبوعات الأفق، الدار البيضاء.
- الكتمور حسن ونافع رشيدة ونويرة أسماء (2008): تـكــمـيم التعرية المرتبطة بالحرث بــطريـــقة السيزوم بمشارات فلاحية بمنطقة أزرو. أعمال الملتقى العلمي الذي نظمه par geoفريق بحث جامعة ابن طفيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية.
- أبهرور محمد وطريبق عبد اللطيف(2006): التخديد فوق السفوح الصلصالية بعالية حوض واد الأربعاء عوامل النشأة والتطور وإنتاج الرواسب، نموذج خدة دوار بو عطية. منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط، سلسلة ندوات مناظرات رقم 131.
- أبهرورمحمد(2009): إسهام في التقييم الكمي للتعرية المائية بمقدمة الريفالشرقي نموذج حوضوادالثلاثاء.أطروحة لنيل الدكتوراه فيالجغرافية.
- بلفقيه محمد(2002): الجغرافيا القول عنها والقول فيها، المقومات الابستيمولوجية، دارالنشر المغربية، الرباط.
- بن علي عبد الرحيم (1993): الدينامية الحالية في الحوض الأوسط لوادي العبيد، ندوة دينامية السطح ، التركات الرباعية والتطور الحالي. منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة القاضي عياض بني ملال أيام 18و19.
- بن علي عبد الرحيم (2006): معالم التطور الجيومورفولوجي لوسط نهر- بحيري بيليورباعي بتادلة. منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط. سلسلة ندوات مناظرات رقم131.
- جما ل الدين محمد بن مكرم ابن منظور الإفريقي المصري “لسان العرب” المجلد الخامس. دار صادر بيروت، ص210- 217.
- شاكر الميلود (2010): المغرب الشمالي الشرقي ، دينامية الموارد الطبيعية وخطورة التصحر (نموذج كتلة بوخوالي وهوامشها السهوبية). منشورات كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط ، سلسلةرسائل وأطروحات رقم60.
- شحو إدريس (2011): التوازنات البيئية الغابوية بالأطلس المتوسط الغربي، مقاربة صون تنموية لمنطقة أزرو. مجموعة الأبحاث والدراسات البيومناخية. كلية الآداب والعلوم الإنسانية- جامعة محمد الخامس- أكدال- الرباط. منشورات المركز الوطني للبحث العلمي والتقني.
- فالح علي (2010)التقييم النوعي والكمي لانجراف التربة بالريف الأوسط ، حوض أكلول نموذجا. منشورات جمعية تطاوين أسامير
المراجع باللغة بالإنجليزية (مترجمة من اللغة الفرنسية)
· A.FALEH , S. BOUHALSSA ,A.SADIK, (2006) quantification of the erosion of soles by the radioisotope (example: the watershed of ank el jmel, central prerif) publication of the Faculty of Arts human studies- rabat serie: colloquium and seminars 131. |
· AKDIM BRAHIM , LAAOUNE MOHAMED, TAOUS ALI,ET OBDA KALID (2003) hydrological risks in the region of Taza (Morocco) genesis, consequences and development problems geomagrib: b.p5681 |
· ANYS HASSAN , BONN FERDINAND ET MERZOUK ABDELAZIZ (1993) cartography and calculation of water erosion using remote sensing and a sig, case of the watershed of wadi aricha (settat, morocco) the presses of the university of quebec. © 1993. |
· BERTRAND.G 1991 the landscape between nature and society.armand colin paris. 249 p.
· COUVREURE.G(1978) essay on the geomouphlogic evolution of high central atlas limestone, morocco, these presnte in front of university strasboug |
· EL GAROUANI A, MERZOUK A , JABRANE RAOUF ET RACHED BOUSSEMA MOHAMED) 2005(spatial analysis of sheet erosion and infiltration of soils in the Moroccan pre- rif, contemporary publishing international. publishes under the sign scientific editions gb |
· MAINGUET 1990: water erosion, desertification and environmental management universidad de murcia, servicio publicaciones- 1996- 257. |
· SADIKI ABDELHAMIDE, BOUHLASSA SAIDATI, AUAJJAR JAMAL, FALEH ALI & JEAN- JACQUES. M (2004) the use of a sig for the evaluation and mapping of erosion risks by the universal equation of soil losses in the eastern rif (Morocco): case of the edu boussouab watershed. Bulletin of the scientific institute, rabat, section earth sciences, 2004, n ° 26, p. 69- 79. |
- Regional Water and Forest authority- Azilal (2011): forests in the province of Azilal
- Regional Water and Forest authority- Azilal (2008): the role of Forests in Environmental Protection.
- Regional delegation Of Planning, the general Statistics of Population in the Years: 1960, 1971, and1980.
Qualitative assessment of water erosion In ait attab- the midle big Atlas – Morocoo